نصر أكتوبر حروف من ذهب علي رمال العرب.. موضوع تعبير عن حرب أكتور 1973

دارت ملايين الحروب بأراضي المعارك علي طول الزمن، ودائما ما تكون لتحرير أرض أو لاغتصابها، و لابد أن يكون هناك منتصر ومنهزم، والحروب دائما تترك ورائها مئات وأحيانا آلاف القتلى والجرحى، و أرض مصبوغة باللون الأحمر تروي عطشها للحرية إذا انتصر جنودها وتشكو الذل إذا انهزموا، و تتشح البيوت دائما بالسواد لفراق أحبابها سواء بنصر الجيوش أو هزيمتها، إلا أن حرب أكتوبر غيرت كل موازين الأمور وبالرغم من فراق الأحباب إلا أن البيوت اتشحت بعناقيد الأنوار، وزغاريد الأمهات لفراق أبنائهن و الأرض التي اصطبغت باللون الأحمر استعدت لتنمو بدمائهم جنات نعيم الحرية، و روت كل حباتها مئات القصص لشهداء زانت دمائهم جبين المحروسة.

العدوان الثلاثي

وتعود بداية الأحداث إلي شهر ديسمبر سنة 1955، عندما وافقت مصر علي عرض أمريكا وبريطانيا و البنك الدولي بإقراضها لتنفيذ مشروع السد العالي، مما شجع مصر علي طلب قرض لشراء أسلحة، لكن بالتأكيد تم رفض الطلب فقررت شراء الأسلحة من الاتحاد السوفيتي وقتها، لكن بريطانيا و أمريكا لم يتقبلوا هذا الأمر واعتبروه تحدي سافر من مصر لهما فأوقفا قرض البنك الدولي لمشروع السد العالي، فرد الرئيس جمال عبد الناصر علي موقفهم بالإعلان عن قرار تأميم شركة قناة السويس  في 26 يوليو سنة 1956، ولحماية مصالحهم المشتركة وقعت فرنسا وبريطانيا و إسرائيل  اتفاقية ” سيفر” في 28 يوليو 1956 في باريس للإغارة علي مصر .

بدأ الهجوم من إسرائيل علي مصر يوم 29 أكتوبر 1956، وفي 30 أكتوبر و بالاتفاق مع إسرائيل قدمت فرنسا وبريطانيا إنذار لمصر و إسرائيل لوقف الحرب بينهم وتطالبهم بالانسحاب عن قناة السويس مسافة 10 كيلو متر، وأن تقبل مصر باحتلال بورسعيد والسويس والإسماعيلية بحجة حماية الملاحة في قناة السويس وبالطبع رفضت مصر، فهاجمت فرنسا وبريطانيا مصر في 31 أكتوبر 1956، فأصدر  الرئيس جمال عبد الناصر قرار بسحب قوات الجيش كلها من صحراء سيناء إلي غرب قناة السويس لمجابهة قوات العدوان، وبدأ غزو مصر من قوات بريطانيا و فرنسا في 5 نوفمبر في بورسعيد ولم تستسلم المقاومة الشعبية، وكان الحل من الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أصدرت قرار بوقف القتال وبضغط من الاتحاد السوفيتي وأمريكا توقف الغزو الإنجليزي الفرنسي وأعلنت موافقتهما علي وقف إطلاق النار  ثم انسحبوا من بورسعيد و انسحبت القوات الإسرائيلية من سيناء وقطاع غزة، ووضعت الأمم المتحدة قوات دولية في شرم الشيخ وعلي حدود مصر الشرقية و حدود قطاع غزة و منحت إسرائيل حق حماية ملاحتها البحرية والجوية من وإلي ميناء إيلات.

نصر أكتوبر حروف من ذهب علي رمال العرب
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر

حرب 67

و لأن إسرائيل كانت ترغب في التوغل في الأراضي العربية قامت بغارة عسكرية علي قرية السموع الأردنية في 13 نوفمبر 1966 وتذرعت بحجة أنها تريد تدمير قواعد الفلسطينيين العسكرية ثم لحقته باتهام سوريا أنها تشجع أعمال الفدائيين في فلسطين في بداية عام 1967، و في 7 إبريل 1967 اشتبكت قوات الطيران الإسرائيلي مع الطيران السوري، وأعلنت في 12 مايو أنها ستهجم علي سوريا لإسقاط الحكم، و استعدت باستدعاء قواتها الاحتياطية، ولأن كان بين مصر وسوريا  اتفاقية دفاع مشترك، فأعلنت مصر التعبئة العامة و حالة الطوارئ وبدأت القوات بالاحتشاد في سيناء لتنفيذ الخطة الدفاعية وطلبت مصر من الأمم المتحدة سحب قوات الطوارئ من الحدود الشرقية في 16 مايو، ثم أصدر الرئيس جمال عبد الناصر  قرار بإغلاق خليج العقبة أمام إسرائيل وذلك في 23 مايو، فردت إسرائيل في 29 مايو بإعلان إن إغلاق خليج العقبة عدوان علي إسرائيل وأعلنت التعبئة العامة.

في هذه الفترة كان مضى علي حرب مصر مع اليمن 5 سنوات و لأن مصر شاركت بقواته البرية والبحرية و الجوية وخسرت الكثير من الجنود و المعدات مما أثر علي كفاءتها القتالية إلي جانب المشاكل الداخلية في الجيش، وفي 5 يونيو 1967 هجمت إسرائيل علي سيناء و الضفة الغربية وهضبة الجولان وكان في هذا الوقت سلاح الطيران الإسرائيلي متفوق علي سلاح الطيران العربي، فقصف المطارات المصرية ليشل حركة الطيران المصري ثم هجم القوات بريا علي سيناء و قطاع غزة، أعقبها ضرب القوات الجوية الأردنية و غزو الضفة الغربية والقدس الشرقية، وضربت الطيران الجوي السوري واحتلت الجولان.

حرب الاستنزاف

استمرت الحرب بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية 3 سنوات بعد هزيمة 1967، وكانت مصر تحاول في تلك الفترة استكمال نقاط الضعف في الجيش من تنظيم وتدريب  و إعادة بناء القوات الجوية، و تحريك صواريخ الدفاع للقرب من الضفة الغربية للقناة ومحاولة عبور الشاطئ الشرقي للقناة، و كان من شهداء هذه الفترة رئيس أركان حرب القوات المصرية، الفريق عبد المنعم رياض، واستشهد في موقع المعدية رقم 6بمنطقة الإسماعيلية وقت المعارك المدفعية في 9 مارس 1969.

مبادرة روجرز

قدمت الولايات المتحدة في 5 يونيو 1970 مبادرة من خلال وزير خارجيتها وليام روجرز، لوقف إطلاق النيران لمدة 90 بين مصر و إسرائيل، وبدأ التفاوض بينهم، واستجاب الطرفان للمبادرة في 8 أغسطس 1970 لكن إسرائيل لم تستجب للمفاوضات فتم تمديد وقف إطلاق النار 3 أشهر أخري ثم تم تمديدها شهر آخر، وعندما لم تجد هناك آمل فيا لمفاوضات رفضت مد مدة وقف إطلاق النار.

نصر أكتوبر حروف من ذهب علي رمال العرب
الرئيس محمد أنور السادات

الاستعداد للحرب

في 15 أكتوبر 1970 تم انتخاب الرئيس محمد أنور السادات بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، وأعلن السادات في العديد من المناسبات أنه سيدخل الحرب مع إسرائيل وعلي سبيل المثال تصريحاته في 24 أكتوبر 1972 أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة حينما أوضح أنه يجب تجهيز القوات المسلحة لدخول الحرب، وفي 1973 قرر الرئيس أنور السادات والرئيس السوري حافظ الأسد دخول الحرب لاسترداد الأرض.

وتم تعيين الفريق أول أحمد إسماعيل قائد عام للقوات الاتحادية بناء علي قرار مجلس اتحاد الجمهوريات العربية في 10 يناير 1973، وفي 22 و 23 أغسطس اجتمع سرا القادة العسكريين السوريين برئاسة مصطفي طلاس وزير الدفاع مع القادة العسكريين المصريين برئاسة أحمد إسماعيل علي في الإسكندرية  وشكلوا معا المجلس الأعلى للقوات المصرية السورية، وكانت مكونة من 13 قائد، وتم اتخاذ القرار بأن تكون الحرب في أكتوبر 1973، وحدد الرئيسان المصري والسوري أن تكون الحرب يوم 6 أكتوبر 1973.

الحرب خدعة

تعتبر الخدعة التي قام بها الرئيسان المصري محمد أنور السادات  والسوري حافظ الأسد، خدعة ماكرة كان لها دور كبير في نجاح الحرب، حيث خدع الرئيسان جواسيس العدو بمنح بعض الجنود إجازات وهمية و رقص الجنود علي الضفة و لغة النوبيين التي لا يعرفها غيرهم لتكون همزة الوصل بين القوات، وعزيمة وإصرار لتحقيق نصر بعد سنوات من تجرع سم الهزيمة و سخرية العالم من هزيمة القوات المصرية و أسطورة خط بارليف الذي لا يقهر ليخطو الجنود بدمائهم علي أرض المحروسة أعظم آيات النصر علي جبين حروب الأرض.